بحزاني نت في حوار مع الأستاذ داود ناسو عضو مجلس إيزيديي سوريا حول الوضع السوري الراهن

بحزاني نت: الوضع في سورية أصبح معقدا جدا، كيف تقيم الوضع حالياً؟

داود ناسو: نعم صحيح الوضع في سوريا يخرج عن السيطرة بشكل جد متسارع، لم يعد لا النظام ولا المعارضة سياسيا ولا الجيش الحر عسكريا قادرين على فرض سيطرتهم على الوضع وهذا ما يدعو الى الخوف والقلق من الإنجرار والوقوع في الفوضى.
فحسب احصائيات منظمات حقوق الانسان في سوريا وتنسيقيا ت الثورة وصل عدد شهداء ثورة الحرية والكرامة السورية حتى 29.09.2012 34091 شهيدا ، اي بمعدل 61 شهيدا في اليوم، منهم 2715 طفلا و 2877 امراة. بالاضافة الى 93 الف لاجئ في تركيا و 73 الف في الاردن وعشرات الالاف في العراق ولبنان ودول اقليمية واوربية اخرى.

وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية نشرته في نهاية الشهر المنصرم فهناك اكثر من 40% من المراكز الصحية اصبحت خارج الخدمة بل اصبحت العديد منها معتقلات وسجون يتم فيها تعذيب المعتقلين ونشظاء الثورة.
طبعا ً التعقيد نشأ نتيجة إطالة أمد الصراع من خلال مستويين أثنين: الأول ميداني متثملاً في المعارك الدائرة بين قوى النظام وأطراف موالية له من جهة، والجيش الحر من جهة أخرى. بيد أنه لا يمكن إنكار حقيقة دخول مجموعات إرهابية على الخط في محالة لنهب الثورة وإفراغها من مضمونها الإنساني النبيل، القائم أساساً على أنها ثورة على الظلم والإستبداد.
المستوى الثاني هو سياسي، و يمكن إختزاله بالقول أن الشعب السوري تُرك وحيداً في مواجهة واحدة من أعتى قوى الإستبداد في العالم. فمازالت قوى المعارضة منقسمة على ذاتها. إضافة إلى تقديم قوى لذاتها بأنها معارضة الداخل “الشريفة” . وتصف المعارضة الخارجية على أنها عميلة وتسعى للتمهيد للتدخل الخارجي. للأسف تتناسى هذه المعارضة “الشريفة” أنها كانت حتى الأمس القريب مقيمة في الخارج، وأصبحت بين ليلة وضحاها معارضة تسعى إلى إحداث التغيير “الديمقراطي”.

بحزاني نت: إذن الوضع سوداوي، كيف يبدو الحل؟
داود ناسو النظام لم يعد قادراً بأدواته التقليدية كالجيش والمخابرات، على خلق منعطف حاسم في الصراع. فهو أي النظام في حالة أنهيار شبه تامة. بيد أنه ثمة جهات تقتل وتدمر في سورية تنفيذاً لاجندتها الأقليمية. في محاولة للقضاء على سورية كدولة وكمؤسسات وخلق بيئة ومحيط إرهابي فوضوي في المنطقة على غرار الصومال وأفغانستان.
الشعب السوري يعيش في حالة فقر لا مثيل لها، والمعارضة متشتتة وليس لديها رؤية واضحة على كيفية مواجهة النظام ولا على كيفية ادارة الازمة ولا القادم سوريا.
كرديا ً كنا نأمل ان تتحد القوى الكردية فيما بينها وتؤسس إستراتيجية واضحة لتتمكن من قيادة سورية في هذا المرحلة الحرجة.
الحل ، بعد فشل المجتمع الدولي بحلوله الدبلوماسية والسياسية بحماية الشعب السوري وتخليه تماما عن الثورة السورية وترك الشعب السوري وحيدا فلا اعتقد بان هناك جهة معينة بامكانها تقديم حل سحري لما يجري في سوريا.
ولكن يجب وضع خطة واضحة لإدارة الأزمة: تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمشرديين والجرحى.
وهذا لن يتحقق الا من خلال انشاء منطقة عازلة، وفرض حظر جوي على الطيران السوري، وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الأخلاقية بصورة أكثر فاعلية، وتهيئة النخب العلمية والثقافية لوضع خطة عمل بناء سورية وطناً للجميع.

بحزاني نت: ما هو أثر هذا الصراع على الاقليات؟
داود ناسو: في سورية ثمة تنوع ثقافي وأجتماعي قد لا تجد مثيلا له في أية بقعة أخرى من العالم. ففي ريف دمشق مازال هناك الاراميون الذين يتحدثون لغة السيد المسيح . وفي أقصى الجنوب هناك الموحدون الدروز وفي أقصى الشمال الشرقي، يعيش الكرد والعرب والإيزيدون والارمن والاشوريون جنباً الى جنب في لوحة متكاملة من الوئام والوفاق، حيث لم تتمكن كل محاولات النظام البائسة في تعكير صفوة هذا الوفاق. وتمكنت هذه الأقوام من الحفاظ على هويتها بقدراتها الذاتية. فعلى الرغم من أن النظام وعلى سبيل المثال لا الحصر قد منع التعليم والتحدث باللغة الكردية، فأنه يمكنني القول بأن كرد سوريا، كانوا ومازالوا الوعاء الأمين الحافظ للغة الكردية. كما أن التنوع الديني كرس عملية التسامح الديني وأحترام الأديان.
وبالعودة إلى السؤال، أقول أنه لا خوف على الأقليات من محيطها الشعبي والبيئي التاريخي. بل الخوف يكمن في إطالة أمد الصراع وأنجرار ووقوع فئات جاهلة في عمليات فتنة تروج لها الأجهزة المرتبطة بالنظام. التي تسعى إلى خلق فتنة طائفية لإطالة أمد الصراع. وبالتالي دفع الأقليات إلى الهجرة، وإفراغ المنطقة وتغيير ديمغرافيتها.
بحزاني نت: لقد قمتم بتشكيل مجلس أيزيدي سورية. ما هي طبيعة مجلسكم هذا وإلاما تهدفون؟
داود ناسو: مجلس أيزيدي سورية نشأ وتشكل كنتيجة لقناعة وإيمان فئة واسعة من إيزيدي سورية هنا في ألمانيا، بضرورة تأطير القوى الثقافية والسياسية لإيزيدي سورية. وبالتالي ليتمكن الإيزيدون عبر هذه المؤسسة من المساهمة في عملية التشكيل الحضاري وبناء المؤسسات السورية الوطنية، خدمة لكافة أبناء سورية. فنحن نؤمن بأننا جزء وطني أصيل من سورية الوطن وأن خلاصنا يكمن في خلاص الوطن برمته. وهناك بطبيعة الحال أليات لتحقيق أهداف المجلس. من خلال التواصل مع أهلنا في الوطن، فنحن لا نفرض أنفسنا أوصياءً عليهم، بقدر ما نسعى أن نكون سنداً لهم، من خلال فتح قنوات إتصال مع المؤسسات الوطنية والدولية لتسليط الأضواء على معاناة ابناء هذه الديانة الكردية الاصيلة.

بحزاني نت: هناك المجلس الوطني الكردي، فما هي طبيعة العلاقة بين المجلسيين؟
داود ناسو: المجلس الوطني الكردي، كامتداد قومي، هو الاطار العام الذي يضم كافة القوى السياسية الكردية السورية. ومجلسنا عضو في المجلس الوطني الكردي ، ومساهم فاعل في كافة فعاليات المجلس. وما يشرح النفس حقاً هو نسبة النجاح الرائعة التي حققها مرشحونا في إنتخابات المجلس الوطني الكردي. وهذا ما يعزز من وحدة التلاحم الكردي، ويعكس مستوى الوعي العالي التي تمتلكه القوى السياسية الكردية في قبول المكون الكردي الإيزيدي كعضو فاعل ومتميز في الحركة الوطنية الكردية.

بحزاني نت: إذن يمكن القول أنكم أصبحتم تمثلون إيزيدي سورية؟
داود ناسو: نحن نعي هذه المسألة تماماً، ولا يمكننا أن ندعي أننا نمثل كافة إيزيدي سورية. ولكننا الجهة الوحيدة التي تمثل الإيزيديين لدى المجلس الوطني الكردي والمجلس الوطني السورية وكافة تيارات المعارضة السورية الأخرى. كما أن المجلس يقوم بعقد ندوات مع الأحزاب السياسية الألمانية، بغية تسليط الضوء على معاناة الإيزيديين. فنحن نسعى إلى إيصال الصوت الإيزيدي وضرورة إشراك الإيزيديين في رسم مستقبل سورية من كافة النواحي، ونحارب الإقصاء والتهميش بكافة أشكاله.
بطبيعة الحال أدواتنا محدودة ونعتمد على إمكانات الإعضاء الذاتية. لذا فانني أتوجه عبر العزيزة بحزاني نت إلى كافة الأخوة والأخوات من إيزيدي سورية في الداخل والخارج بالالتفاف حول هذا المجلس ورفده وتعزيزه، ليكون صوت إيزيدي سورية في العالم.

بحزاني نت: أستاذ داود شكرا على هذا اللقاء.
داود ناسو: الشكر الجزيل لبحزاني نت، التي أصبحت وبحق منبر الإيزيديين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *